قصص النرجسي
جميــع المقــــالات

الـرئيسيــــــــة
تواصل معنا
مــن نحــــــــن
تطوع للتوعية بالنرجسية
نموذج طلب تطوع

قصص النرجسي
جميــع المقــــالات

الـرئيسيــــــــة
تواصل معنا
مــن نحــــــــن
تطوع للتوعية بالنرجسية
نموذج طلب تطوع

منصة نرجسي - صورة الملف الشخصي ل

زهرة علي

قصتــي
الأضــرار
وضعي الحالي

٢٠ سنة مع زوجي النرجسي

كنت مجرد فتاة صغيرة من عائلة فقيرة عندما رأيته لأول مرة. لم أتخيل أبدًا أن أجد نفسي متزوجة من شخص مثله. ولم يكن شيئًا بحثت عنه أو أردته لنفسي. كان هو من سعى ورائي، وأصر على كسب موافقتي. بل أنني قاومت إصراره قدر استطاعتي، لكنه لم يتوقف أبدًا. لاحقني في كل مكان أذهب إليه، كتب لي الرسائل، أرسل الوسطاء لإقناعي بالزواج منه، حتى تمكن من تحقيق هدفه.

كأي فتاة، لم أكن غافلة عن فكرة الزواج. بدأت أتخيل نوع الحياة التي كان كان يغريني بها. حياة مريحة ومستقلة تمنحني الأشياء التي لطالما حلمت بها. في النهاية، استسلمت لملاحقته وإصراره، معتقدةً أنه ربما، فقط ربما، كانت هذه فرصتي لأنال حياة أفضل. لكن منذ لحظة زواجنا، أصبح واضحًا أن الحلم الذي تخيلته لم يكن سوى وهم، تحول إلى كابوس.

سيطر على كل شيء منذ البداية. بدأ باستخدام أسلوب خفي في فترة الخطبة. أسلوب في ظاهره الحب والغيرة، وفي باطنه هوس بالتحكم المطلق في كل صغيرة وكبيرة . أوامر حول تحركاتي، وطريقة لبسي، ومن يكونوا أصدقائي، وما هي الأشياء الممنوعة والمسموحة. كانت أوامر مغلفة بالرومانسية، وكنت أضنها غيرة محب. وبعد الزواج، تنامت متطلباته حتى أحكم قبضته على كل شيء. تغيرت طريقة تعامله، وأصبح غليظاً يهاجمني في كل لحظة دون سبب. لم يكن حباً، ولم تكن غيرة أو اهتمام مبالغٌ فيه، بل كان تملكاً واستعراضاً للغرور والتسلط.

لم يُخفِ عدوانيته وقساوته تجاهي. كان يبدأ المشاجرات من لا شيء، فقط ليستعرض قوته وجبروته. ينفجر بالغضب لأتفه الأسباب. يتهمني بعدم معرفة مكانته ومستواه، وكأنني أدنى منه مرتبة. عندما يكون مستاءً، يتحول إلى مهاجمتي دون أن أعرف السبب. ينتقدني ويسخر مني، ويذكرني بأي أخطاء فقط لإيذائي. وعندما يكون سعيداً، يريد أن أكون سعيدة مثله، بغض النظر عن الظروف التي أمر بها. كانت الحياة معه أشبه بالعيش في حقل ألغام، لا أعرف متى سيحدث الانفجار التالي. كل ساعة وكل دقيقة تمر عليّ، وأنا في حالة توتر مستمر، أفكر كيف ستكون ردة فعله على أي شيء.

كانت تصرفاته هذه تختفي كلها عندما يكون مع الآخرين. يصور نفسه أمامهم كشخص مثالي ومقتدر، ويتعامل معهم بهدوء واحترام. يؤدي دور كبير القوم الناصح والرزين. ينتقد الذين لا يحسنون التعامل مع زوجاتهم. يحل مشكلاتهم ولا يرضى أن يسكت عن الظلم على حد تعبيره. كان يقضي أجمل الأوقات مع أصدقائه، ويوفر لهم أي شيء مهما كان مكلفاً. يتباهى دائمًا كما لو أننا نعيش في بذخ، لدرجة أنه كان يقترض المال بأرقام مخيفة، فقط ليحافظ على تلك الصورة أمامهم، مع أننا في معظم الوقت كنا نكافح لإطعام أطفالنا.

أعتقد أن الجزء الأكثر إرهاقًا في العيش مع شخص نرجسي هو الكذب والطريقة التي يحرف بها الحقائق لتتناسب مع وجهة نظره أو لتصب في مصلحته. مثلاً، إذا شككت في مواقفه أو أشرت إلى أخطائه، فإنه يحول اللوم إليّ فوراً، متهماً عائلتي بالتأثير عليّ. ثم يبدأ بالهجوم على أقاربي، فأشعر أنني ملزمة بالدفاع عنهم. وهكذا ينقل النقاش إلى موضوع آخر، حتى لا يعترف أبدًا بأنه مخطئ.

الكذب يسري في دمه. تعلمت أن كل كلمة ينطقها النرجسي يكون ورائها كذبة. حتى وإن غرق في التناقضات، أو كُشف متلبساً بالصوت والصورة. كل النقاشات أو الخلافات بالنسبة إليه تحدي يجب الفوز فيه مهما تطلب من كذب. يحرص دائماً على قول نصف الحقيقة، ويترك تفاصيل مهمة من شأنها أن تغير الحدث تمامًا. ثم، عندما تظهر الحقيقة في النهاية، ينكر أنه كذب بكل ما أوتي من قوة، قائلاً أنه غير مسؤول عن سوء فهمي. تلاعبه المتواصل بالحقائق كان يجعلني أشعر أن دماغي سينفجر. يقودني إلى التشكيك في صحة عقلي، ويبقيني في حالة توتر مستمرة. ولا أبالغ إن قلت أنه تسبب لي بأمراض عصبية أعاني منها حتى الآن.

الأسوأ من هذا كله، هو الطريقة التي سيطر فيها على عقلي، وجعلني أفعل أشياء لا أعرف كيف فعلتها. ولو كنت أعرف أنه يتلاعب بي، كنت سأدفع حياتي ثمناً لأتجنبها. فبعد بضع سنوات من زواجنا، صارحني برغبته في الزواج مع أنه كان قادراً على فعل ذلك دون إبلاغي. كانت المشكلة لديه أنه خلال السنوات السابقة، لم يتوقف عن الكذب والتفاخر أمام الناس بنجاح زواجنا الذي لا تشوبه شائبه. والآن أصبح متخوفاً من انتقادات الناس له، ويحاول أن يتجنب الوقوع في موقف يظهر جحوده بحقي. ولذلك، أبلغني أنه لن يقدم على هذه الخطوة دون موافقتي.

كانت حجته في الزواج بأنه يريد شخصاً متفرغاً يسانده في إدارة عمله. فأنا غير مؤهلة في نظرة، ولدي أطفال يحتاجون إلى رعايتي. وحتى يبدو صادقاً في ادعائه، قال لي أنها لن تكون سوى مجرد موظفة، ولن تغير من الوضع شيئاً. ثم انتقل بعد ذلك إلى مستوى آخر من التلاعب؛ طلب مني لقاؤها، ثم ترك لي حرية الموافقة عليها، ليثبت لي أن الزواج فُرض عليه بسبب الظروف، وليس رغبةً منه. استمر في الزن لأشهر، وكأن مطرقة تدق رأسي دون توقف.

بطريقة ما، أقنعني بالموافقة. ولكي يثبت حبه لي كما يدعي، طلب مني أن أتقدم لخطبتها نيابة عنه، وجعلني أتصدر حفل الزفاف لأُظْهِر للناس شجاعتي وصلابتي على حد قوله. أخبر الجميع أن الفكرة كانت فكرتي، وأنني من رتّب له كل شيء. صور الأمر وكأنني أعاني من مشكلة جعلتني أطالبه بالزواج، ثم ذهب ليتفاخر أمام الناس بأنه محظوظ، ولديه زوجة فريدة من نوعها. أعرف أن الأمر يجعلني أبدو سخيفة الآن، لكن في ذلك الوقت، لم أستطع التمييز من قوة تأثيره عليّ، فقد كان يبكي مدعياً أنه حزين على مصيري، وبأنني لا أستحق ما يحدث لي. قال لي وهو يمسح دموعه: "لن أسامح نفسي أبداً"، ثم قام بتحديد موعد الزواج في نفس اللحظة.

جعلني أعيش الدور الذي رسمه لي دون وعي مني، واقنعني أنه يفعل ذلك من أجلي. هجومه المتواصل عليّ منذ زواجنا، جعلني افقد ثقتي في نفسي، لدرجة أنني صرت أرى نفسي عبئ عليه. عجزي عن إرضائه منعني من التفكير بأسباب رغبته بالزواج. فلماذا لا يوظف رجلاً؟ لماذا يجب أن يتزوج ليتمكن من إدارة عمله؟ عندما تكون تحت تأثير تلاعب النرجسي، تفقد القدرة على التفكير. وأنا في ذلك الوقت، لم أكن أرى سوى عيوبي وعجزي، واحتقاره لي. فهمت متأخرة أنه خدعني، وأن تلك الدموع لم تكن سوى دموع تمساح، وأي تمساح!

بعد زواجه، اختفت حجته بالزواج، وبدأت ألاحظ تغيراً في ادعاءاته. أصبح يخصص وقته واهتمامه لزوجته الجديدة، وتركني لأعتني بنفسي وبالأطفال. كل شيء حرمني منه، جعله متاحاً لها، ووفر لها كامل مستحقاتها واحتياجاتها ورفاهيتها. عزومات في المطاعم وخروجات وهدايا ورحلات. حتى إنَّه تجاوز عادات المجتمع، وأصبح يتباهى بها أمام الناس، ويأخذها معه أينما حل وارتحل.

لم يعد يكترث بأن صوت المرأة عورة، ولم يعد يمنعها من الخروج خوفاً من أعين الناس كما كان يفعل معي. لكن مع ذلك، لم يدم زواجه طويلاً، فقد حقق غايته أمام الناس بالاستعراض، ثم تخلى عنها. وبعد أن طلقها عاد لإقناعي بإيجاد زوجة أخرى، مستخدماً نفس الحجة. لكنني رفضت هذه المرة لأنني لم أستطع تحمل إحساسي بالظلم، وطريقته في تجاوز مشاعري. كان يطلب مني صراحةً أن أضحي، ثم يطلب امتناعي عن تذكيره بأكاذيبه وتجاوزاته، مدعياً أنني أفسد نظرته تجاهي.

تدهور وضعه المالي في النهاية، وعشنا في فقر مدقع. حتى أن أطفالنا أصيبوا بمشكلات صحية مزمنة بسبب الجوع. كان يرفض أن يعرف الناس بأحوالنا، لأنه في نظرهم أغنى الأغنياء، وهو لا يريد كسر هذه النظرة مهما كلفه الأمر. يرفض البحث عن عمل، ويصر دائمًا بأنه على وشك أن يجني الملايين. عشنا لسنين نكافح في الحصول على أبسط الأشياء، وهو غارق في كبريائه وعالمه الخيالي، ويجبرنا على أن نعيش معه في نفس العالم.

بعد سنين من الجوع والمعاناة، تحسنت حالته المادية قليلاً. اعتقدت أن وضعنا سيتحسن أيضاً، وسنعوض كل ما فات. لكن بدلاً من ذلك، حاول مرة أخرى إقناعي بالسماح له بالزواج للمرة الثالثة. كانت حجته هذه المرة، أن المصلحة تقتضي الزواج على وجه السرعة من أجلنا جميعاً، وليس من أجله. أخبرته أنه لا مانع لدي، فقط بعد أن يطلقني. قلت له إذا كنت تريد الزواج فهذا يعني أن هناك مشكلة معي، وأنا لا أريد أن أعيش مع شخص لا يرغب بي. طلبت منه أن يفعل ما يحلوا له، وكنت جادة جداً، بحيث حزمت أمتعتي بالفعل، وقررت المغادرة.

كانت ردة فعله هي التهديد بأخذ أبنائي، ثم استخدم كل نقاط الضعف التي يعرفها عني ليمنعني من المغادرة. عندما أدرك أنني مصممة على تركه، تراجع وترجاني لكي أبقى. قطع وعدًا، وأقسم على كتاب الله بأنه لن يتزوج مهما حدث. مع أنه يعلم بأنني لا أصدقه، فحياته بأكملها قائمة على الكذب. ولكي يثبت جديته، كتب لي تعهداً بأنه سيتخلى عن نصف أملاكه لي في حال أقدم على الزواج. كنت أعلم بأنه لن يعطيني شيئاً، فأملاكه لا وجود لها على أرض الواقع أساساً. وكنت أعلم أيضاً أنه يفعل هذا لكي يتجنب الفضيحة بين الناس. لكنني تراجعت عن قراري في النهاية، وبقيت من أجل أولادي. بعد فترة، اكتشفت أنه متزوج، ولديه أبناء. لم يكن الخبر مستغرباً بالنسبة إلي، لأنني بت أعرف أن النرجسي لا يعرف الله.

طوال فترة زواجنا، لم أخبر أحداً عن المشكلات التي كانت تحدث بيننا، حتى عائلتي لم تعرف أبدًا عن الظروف التي كنا نعيشها. ما كان يحدث في المنزل يجب أن يظل في المنزل. كان هذا النظام الذي فرضه منذ اليوم الأول. كنت أعتقد بأنه مطلب شرعي، لكنني اكتشفت أنه يستخدمه لإخفاء حقيقته عن الناس. مثلاً، كان ممنوعاً عليّ أن أطلب الدواء أو بعض الطعام من الأقارب أو الجيران، لأنه لا يريد الكشف عن حقيقة حالته المادية. وأي تجاوز لهذا النظام تتحول حياتي إلى جحيم. يفضل أن نعاني من المرض والجوع على أن يفسد ادعاءه بأنه من الأغنياء. لكنه في الوقت نفسه، لن يتردد لحظة واحدة في استخدامي لطلب أي شيء من أجله، ولكن بطرق ملتوية، مثل أن أقول إنه "سيطردني إذا علم أنني أطلب شيئاً".

عشت ٢٠ عاماً مع زوجي النرجسي، استغل فيها ضعفي وحسن نيتي ليمارس عليَّ الظلم بكل أنواعه. حرمني أبسط حقوقي. أخذ ممتلكاتي، ولم يعدها حتى الآن، وكلما أطالبه، يرمي لي بالوعود. صبرت عليه على مدى سنين، وتحملت العيش في ظروف لا يمكن لأحد أن تخيلها، لكنه في النهاية أعطى المكافأة لغيري. زوجته الأخرى تعيش حياة مماثلة. ظروفنا جميعاً لم تتحسن وما زلنا نعيش بنفس الطريقة. ما زال يبني عالمه الخيالي، ويوفر كل طاقته ومصادرة لإسعاد الناس والتباهي بنفسه. لا يوجد شيء يشغل تفكيره سوى إبهار الناس بمكانته، وإحاطة نفسه بالمتملقين.

الشيء الوحيد الذي تغير هو أنني لم أعد تلك المرأة نفسها. تفتحت عيني على حقيقة ما كنت أعيشه. عرفت أن العيب ليس في شخصيتي - بل سلوكه النرجسي، وحاجته إلى الإستعراض وفرض السيطرة ليتمكن من الاستمرار بالعيش. يرفض رفضاً قاطعاً أن يطلقني، وأعرف جيداً أنه سيؤذيني لو أجبرته على الانفصال. قررت أن أكون بعيدة عنه، وأتعامل معه بشروطي. ومهما حاول استغلالي والتلاعب بي الآن، أستطيع معرفة حيله وأهدافه.

فقدت ثقتي بنفسي، وإحساسي بشخصيتي، وأصبحت أعاني من الاكتئاب طوال الوقت.
خسرت أصدقائي وأصبحت معزولة عن الجميع.
أعاني من أمراض عصبية مزمنة بسببه.
لم يعطني مستحقاتي منذ ٢٠ سنة وحتى الآن.
يتعرض أبنائي للتعنيف الجسدي باستمرار.

عدت لاستكمال دراستي بعد انقطاع دام لأكثر من عشرين سنة.
عدت لممارسة الرياضة بشكل شبه يومي.
مسؤولة عن تربية أبنائي وحدي.
يعيش زوجي مع زوجته الثانية، وما زلنا في حالة صدام متواصل بسبب تقصيره عن توفير احتياجاتنا.
أعمل على تأهيل نفسي لأصبح مستقلة، وأتخلص من حالة الابتزاز التي يمارسها علي وعلى أبنائي.