قصص النرجسي
جميــع المقــــالات

الـرئيسيــــــــة
تواصل معنا
مــن نحــــــــن
تطوع للتوعية بالنرجسية
نموذج طلب تطوع

قصص النرجسي
جميــع المقــــالات

الـرئيسيــــــــة
تواصل معنا
مــن نحــــــــن
تطوع للتوعية بالنرجسية
نموذج طلب تطوع

هل يمكن علاج النرجسية؟ رؤية د. ليزا فايرستون لتغيير النرجسي

إمكانية علاج النرجسية والتعامل مع تأثيراتها السلبية من خلال التعاطف مع الذات

محتوى المقال

يبدو أن الآباء والمعلمين والباحثين والإعلاميين يتفقون جميعًا على أن شباب اليوم هم الجيل الأكثر نرجسية من بين الأجيال السابقة. ويبدو أن هذا الإجماع يستند إلى بعض الظواهر التي نشاهدها يومياً. إذ لا يمكننا تجاهل سيل المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي واستعراض صور “السيلفي” التي تدعم وجهة نظرهم. بالإضافة إلى بعض الدراسات الحديثة التي أظهرت أن طلاب اليوم “لديهم مستويات مرتفعة في الإصرار والإعجاب بالنفس والصفات النرجسية، ودائما ما تكون توقعاتهم عن أنفسهم عالية”، لكنهم في المقابل، يظهرون مستويات أعلى في “التوتر والقلق وسوء الصحة العقلية، وانخفاضًا في الاعتماد على أنفسهم”. فهل يؤدي ارتفاع مستويات الثقة لدى هؤلاء الشباب إلى انخفاض في كفاءتهم؟ وهل الزيادة في مستويات التوتر لديهم تُؤثر على أدائهم؟

أسباب ظهور النرجسية

أجرت عالمة النفس كريستين نيف أبحاثًا مكثفة حول مفهومَي تقدير الذات والتعاطف مع الذات. خلصت إحدى دراساتها إلى أن تقدير الذات يرتبط على نحو إيجابي بالنزعة النرجسية، بينما يؤدي التعاطف مع الذات إلى إحساس الشخص بقيمة أكثر استقراراً. بعبارة أخرى، يميل تقدير الذات إلى التركيز على التقييم والأداء، بينما يركز التعاطف على معاملة النفس بلطف، والاعتراف بالإنسانية المشتركة، واليقظة عند التفكير في الجوانب السلبية.

أكدت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد أن الأطفال الصغار يظهرون حماساً أكبر عندما يتم الثناء على جهودهم، وليس على مواهبهم. على سبيل المثال، بدلاً من أن نقول لطفلنا “أنت ذكي جدًا لأنك حصلت على أعلى الدرجات”، يمكن أن نقول “أنا فخور بك لأنك بذلت جهدًا كبيرًا في المذاكرة”.

خلصت أبحاث أخرى أجرتها جامعة ولاية أوهايو إلى أن المدح المبالغ فيه يضر بالأطفال الذين لديهم ضعف في الثقة بالنفس. وهذا أمر مؤسفٌ، لأنه عندما يكثر الآباء من مدح أطفالهم الذين يعانون من تدنٍ في تقدير الذات، فإن ذلك يدفعهم إلى “تجنب الخوض في تحديات جديدة”. مثلاً، إذا كان الطفل يخاف من التحدث أمام الآخرين، فإن الإكثار من مدحه بقول أشياء مثل “أنت قوي، أنت شجاع” قد يزيد من توتره، ويمنعه من التحدث في المواقف التي تتطلب منه ذلك.

إمكانية علاج النرجسية

ما هو إذن البديل عن الثناء المفرط الذي قد يغذي نزعة الأطفال النرجسية؟ كيف يمكننا تعزيز ثقتهم بأنفسهم دون دفعهم إلى الشعور بالفراغ الداخلي وتضخيم الذات؟ وكيف يمكننا تطوير هذا النهج في حياتنا؟
الإجابة تبدأ بتحويل تركيزنا من “تقدير الذات”، الذي يعتمد على التقييمات الخارجية، إلى “التعاطف مع الذات”، الذي يعزز القدرة على مواجهة الأخطاء بلطف، والتعلم منها دون جلد النفس أو الحاجة إلى التفوق على الآخرين.

تقول الدكتورة نيف: “يتعاطف الناس مع أنفسهم لأن جميع البشر يستحقون التعاطف والفهم، وليس لأنهم يمتلكون صفات معينة مثل الجمال أو الذكاء أو الموهبة. وهذا يعني أنك لست بحاجة إلى أن تشعر بأنك أفضل من الآخرين لتكون راضيًا عن نفسك.” وتحدد نيف العناصر الثلاثة التي تشكل التعاطف مع الذات، والتي تعمل كترياق طبيعي للنرجسية، وهي:

  • معاملة النفس بلطف
  • الإنسانية المشتركة
  • اليقظة الذهنية.

الأفراد الذين لديهم تعاطف مع الذات لا يواجهون عيوبهم فحسب، بل يُظهرون مستويات عالية من التحلي بالصبر والوعي عند مواجهة التحديات. يمتد تركيزهم إلى ما هو أبعد من أنفسهم ليشمل الآخرين، وهم قادرون على تعزيز الشعور بالمساواة والتعاطف مع الجميع. من خلال التأكيد على هذه القيم الثلاثة، يستطيع الأشخاص تنمية التعاطف في أنفسهم وفي أطفالهم خلال جميع مراحل نموهم.

خطوات علاج النرجسية

علاج النرجسية من خلال تنمية التعاطف مع الذات يبدأ بتحديد “الصوت الداخلي الناقد”. هذا الصوت هو بمنزلة عدو داخلي يعيش داخل عقولنا، ويصدر التعليقات باستمرار على كل أفعالنا. يتشكل هذا الناقد الداخلي من خلال التجارب السلبية التي مررنا بها في وقت مبكر من حياتنا، وأضرت بنظرتنا لأنفسنا. وعلى عكس الضمير، يمثل الصوت الداخلي الناقد “ذات معادية”، وهو صوت مُدرِب عدائي يقف في مواجهتنا، يغرينا بنصائح سلبية، ويوبخنا على أخطائنا باستمرار. على سبيل المثال، عندما لا نحقق نتائج جيدة في اختبار ما أو نتوقف عن اتباع نظامنا الغذائي، سيضربنا بأفكار مثل “ها أنت ذا تعبث مرة أخرى، قلت لك أنك لن تنجح”.

يمكن للصوت الداخلي الناقد أن يكون مخادعًا. فهو لا يبدو قاسياً دائمًا، بل يمكن أن يبدو مهدئًا في بعض الأحيان. إذ يستدرجنا بأفكار مثل: “لا تثق بأحد. أنت بخير وحدك، فقط اعتني بنفسك.”، وبمجرد أن تتصرف بناءً على نصيحته، ستجده ينتقل إلى توبيخك قائلاً: “أنت شخصية منعزلة. لن يحبك أحد أبدًا، أنت شخص فاشل.”

لا يقتصر تعليق هذا الناقد الداخلي علينا فحسب، بل يتدخل أيضًا في أحكامنا على الأشخاص الذين من حولنا. يحذرنا منهم أو يدفعنا بعيدًا عنهم بحجة حماية أنفسنا. ومع أنه يعاملنا بقسوة، إلا أنه يشجع “الأنا” المتضخمة لدينا. وليس من المستغرب أن كثيراً من النرجسيين يخفون إحساساً عميقاً بعدم الكفاءة أو الخوف من الفشل، فقد أظهرت دراسة حديثة على مستخدمي فيسبوك، وجود علاقة بين النرجسية وتدني احترام الذات.

التعرف على الصوت الداخلي الناقد ومواجهته، يعد قفزة كبيرة نحو تعزيز التعاطف وعلاج النرجسية. فهذا الصوت يتدخل في كل نواحي حياة الاشخاص النرجسيين، وغالباً ما يؤدي إلى تحطيمهم. بمجرد أن يسيطروا على هذا الصوت، سيتمكنون من منعه من التحكم في حياتهم وعلاقاتهم وسلوكياتهم. سيصبحون قادرين حينها على تنمية موقف متعاطف تجاه انفسهم، وتحويل تركيزهم إلى الخارج، ليكونوا أكثر كرمًا مع أنفسهم ومع الآخرين.

يعد الكرم من الأشياء الجيدة التي تمنح السعادة والشعور الإيجابي تجاه الذات. بل يعد مبدأً مهماً للصحة النفسية، وقد ثبت أنه يساعد على العيش لفترات أطول. هناك أربعة عناصر مهمة للكرم يجب الانتباه لها:

  • إعطاء شيء يلامس حاجة أو رغبة الناس. لا يتعلق الأمر بالماديات، وانما ببذل الأشياء التي تعبر عن الأصالة.
  • الانفتاح على امتنان الناس لنا وتقبل تقديرهم.
  • السماح للآخرين بفعل أشياء لطيفة تجاهنا.
  • التعبير عن شكرنا وتقديرنا لحسن معاملة الآخرين لنا.

يستطيع الأشخاص ذوي الميول النرجسية تنمية نظرة متعاطفة وواقعية لقدراتهم، ومتعاطفة تجاه الآخرين. وهذا من شأنه أن يقضي على نرجسيتهم الناتجة عن مقارنة أنفسهم بالآخرين وسعيهم المستمر لأن يكونوا الأفضل. يمكنهم التركيز على القواسم الانسانية المشتركة التي ستؤدي في نهاية المطاف إلى التزامهم بسلوك أكثر لطفاً تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين.

عندما يركز هؤلاء الأشخاص على التعاطف مع الذات بدلاً من تقدير الذات، وقياس نجاحهم من خلال ما يعطونه وليس بما يحصلون عليه، فإنهم بذلك يبنون إحساساً صلباً بالذات يقلل من شعورهم بالتوتر، ويزيد من رضاهم عن أنفسهم. يمكنهم حينها التغلب على شعورهم بعدم الأمان، والسعي لتحقيق المزيد من الإنجازات في حياتهم. وعندما يتعثرون، يمكنهم التصرف بإيجابية ومرونة تضمن لهم نتائج أفضل في المستقبل. سيتمكنون من ترسيخ صورة حقيقية عن أنفسهم، ورؤية “ذواتهم” وتقديرها بوضوح، دون الحاجة إلى صورة “السيلفي”.

ترجمة وإعداد: أسامة ناشر


المصادر

مقال منشور على موقع “سَيْك ألايف”، ترجم إلى اللغة العربية، ويُنشر حصريًا على منصة نرجسي بإذن خاص من الدكتورة ليزا فايرستون.

Lisa Firestone, Ph.D., Is There a Cure for Narcissism?, Psych Alive, https://www.psychalive.org/is-there-a-cure-for-narcissism/

شارك المنشور لتعم الفائدة!
د. ليزا فايرستون
د. ليزا فايرستون

الدكتورة ليزا فايرستون هي عالمة نفس، ومديرة للأبحاث والتدريب في جمعية جلندون في كاليفورنيا. الدكتورة فايرستون متخصصة في الوقاية من الانتحار والعنف، ووسائل الدفاع النفسية، وديناميكيات العلاقات، ولديها أكثر من 20 عامًا من الخبرة في هذا المجال. حصلت على درجة الدكتوراه في علم النفس السريري من كلية كاليفورنيا لعلم النفس المهني في عام 1991. بالتعاون مع والدها، الدكتور روبرت فايرستون، طورت العديد من أدوات التقييم، بما في ذلك تقييم فايرستون لأفكار التدمير الذاتي وتقييم فايرستون للأفكار العنيفة، والتي ساهمت بشكل كبير في فهم سلوكيات التدمير الذاتي.