ما هي أكبر مخاوف النرجسي؟

استكشاف لمخاوف النرجسي المغلفة بسلوكيات التباهي والتعالي
على الرغم من حرص النرجسي على إظهار تفوقه ومثالية أفعاله بكل الوسائل الممكنة، إلا أن وراء هذا التظاهر المبالغ فيه تكمن أكبر مخاوفه: الشعور في أعماقه بأنه شخص عادي وناقص وعاجز.
تشير الأبحاث والنظريات الأساسية حول اضطراب الشخصية النرجسية إلى أن النرجسي يطور “ذاتًا زائفة” أو شخصية “مصطنعة” ليخفي بها مخاوفه وعيوبه.
النرجسي الذي نشأ في بيئة تمنحه سلطة مفرطة، غالباً ما يكون لديه اعتقاد مبالغ فيه لتلقي معاملة استثنائية. يتوقع الحصول على معاملة خاصة تشبه تلك التي تلقاها من والديه، دون بذل أي جهد يذكر.
أما الذي نشأ في بيئة تمنعه من إظهار تميزه، فيعيش في حلقة مفرغة من محاولة تضخيم الذات. يسعى النرجسي في هذه الحالة للتغطية على إحساسه بالعار لعدم قدرته على بلوغ المعايير العالية التي وضعها والديه، وهي معايير يستحيل تحقيقها من الأساس.
في كلتا الحالتين، يعيش النرجسي خلف صورة مصطنعة قيد الإنشاء المستمر، والتي تهدف إلى جذب الانتباه والتميز عن الآخرين. يسعى باستمرار لإخفاء عيوبه ونقاط ضعفه التي لا يجرؤ على الاعتراف بها أو مواجهتها.
إقرأ عن النرجسية وأسبابها:
– أسباب النرجسية وتطورها: أساليب التربية عند الوالدين
– ثلاثة عوامل تُنبئ بتحول الطفل إلى شخص نرجسي
من الضروري إدراك أن مخاوف النرجسي ونقطة ضعفه تتمثل في أنه شخص تائه وهشّ من الداخل. يمكن لأي شكل من أشكال الرفض أو الإهانة، حتى لو كان بسيطًا، أن يزعزع كيانه تمامًا.
هذا الضعف يدفع النرجسي للتركيز كلياً على بناء صورته الذاتية. يظن أن الطريقة التي يرى بها نفسه أو ينظر بها الآخرون إليه، ستحميه من حقائق الحياة التي لا نحبذها جميعاً، ويضطر معظمنا في النهاية إلى تقبلها، وهي:
- لا أحد يمتلك صفة الكمال.
- لدينا جميعًا قدرات محدودة.
- لا يمكننا الحصول على كل ما نريد.
- سيكون هناك دائمًا من هو أصغر سناً، أو أجمل، أو أغنى، أو أكثر نجاحًا.
- نحن جميعًا نتقدم في العمر ونموت.
يكره النرجسي الاعتراف بهذه الحقائق الحتمية، فهو نادرًا ما يعترف بما ينقصه، ناهيك عن قبول فكرة أنه كونك إنسانًا يعني أحيانًا الشعور بالشك، والوحدة، والوقوع في الأخطاء، والعيش مع اليأس. بالنسبة له، يُعد هذا الاعتراف ضعفًا لا يمكن السماح بحدوثه.
مخاوف النرجسي تجعله يعيش في حالة من الحذر المستمر، وينظر إلى الجميع كمنافسين محتملين. قد تختلف أساليبه أحيانًا، فقد يكون متغطرساً أو استعراضياً في الترويج لنفسه، أو متلاعباً، أو يؤدي دور الضحية، لكن هدفه يبقى واحداً: الانتصار دائمًا وتجنب خسارة ماء الوجه.
بسبب انغماسه في خلق واقع خيالي يتماشى مع تصوره لنفسه، يميل إلى الكذب والتحوير لدرجة أنه يقنع نفسه بأن أي شيء يقوله هو حقيقة مؤكدة ومقبولة من الجميع. قد تكون ادعاءاته مقنعة جدًا للأشخاص المحيطين به، ما لم يلاحظوا الديناميكية الأساسية للنرجسي والمتمثلة بــ: “ما خلف القناع الذي يرتديه“.
إذا بدا لك أن العيش بهذه الطريقة يبدو موحشًا ومرهقًا، فأنت على حق. لكن النرجسي معتاد على تحمل هذا النوع من الحياة، أشبه ببعض أنواع أسماك القرش التي تهلك إن توقفت عن الحركة. يستخدم النرجسي أساليب التلاعب والتنمر والتفاخر باستمرار لجذب الاهتمام والإعجاب. هذه التصرفات والإسقاطات تتيح له تصريف مشاعر الوحدة والإرهاق المكبوتة إلى من حوله، مما يمنحه القدرة على الاستمرار.
بالنسبة لنا، نحن الذين نعيش مع أشخاص نرجسيين، فإن فهم هذه الحقائق يمكن أن يساعدنا في تخفيف مشاعر القلق والبؤس التي نعيشها. من خلال إدراك مخاوف النرجسي المتجذرة من الظهور بمظهر سيئ، يمكننا التعاطف مع سلوكياته المبالغ فيها، ومعرفة سبب عدم تعاطفه مع الآخرين.
إدراكنا لمخاوف النرجسي من الكشف عن حقيقته، قد يساعدنا في معرفة سبب انفجاره غضبًا لأبسط الأشياء. وفهمنا لخوفه من أن يُنظر إليه كشخص عادي، قد يفسر لنا عدم قدرته على التعامل مع الآخرين بمساواة، أو السعي إلى إيجاد حلول تعود بالنفع على الجميع، بدلاً من محاولة تحقيق الفوز بأي ثمن.
من الجيد تنمية تعاطفنا وتفهمنا تجاه الشخص النرجسي، لكن من المهم جداً إعطاء الأولوية لحماية أنفسنا من سلوكياته المتلاعبة والمسيئة. عند التعامل مع شخصية نرجسية، اسأل نفسك عن النتائج التي يمكنك تحملها. قم بتقييم ما إذا كانت هذه النتائج تستحق قضاء دقيقة واحدة إضافية في بيئة غير صحية.
تذكر أن مخاوف النرجسي تجبره دائمًا على إيجاد من يغذي غروره، وأنت لست مضطرًا أن تكون وجبته الدسمة. وقتك، واهتمامك، وحضورك، وصحتك العاطفية، واحترامك لذاتك هي هدايا ثمينة، فاستخدمها لصالحك.
للمزيد حول طريقة تفكير النرجسي وحقيقة ما يدور في ذهنه، إطلع على:
– 9 حقائق صادمة ستُغيّر نظرتك عن النرجسية
– كيف يفكر النرجسي؟
ترجمة وإعداد: أسامة ناشر
مقال منشور على موقع “سيكولوجي توداي”، ترجم إلى اللغة العربية، ويُنشر حصريًا على منصة نرجسي بإذن خاص من الدكتور دان نيوهارث.
Dan Neuharth Ph.D., Narcissists’ Greatest Fears, Psychology Today, https://www.psychologytoday.com/intl/blog/narcissism-demystified/202005/narcissists-greatest-fears