قصص النرجسي
جميــع المقــــالات

الـرئيسيــــــــة
تواصل معنا
مــن نحــــــــن
تطوع للتوعية بالنرجسية
نموذج طلب تطوع

قصص النرجسي
جميــع المقــــالات

الـرئيسيــــــــة
تواصل معنا
مــن نحــــــــن
تطوع للتوعية بالنرجسية
نموذج طلب تطوع

كيف يفكر النرجسي؟

محتوى المقال

أنواع النرجسيين

وفقًا لـ “دليل تشخيص الاضطرابات العقلية” (DSM-5)، فإن أبرز صفات اضطراب الشخصية النرجسية تتمثل بــ: “الإحساس بالعظمة، والسعي المفرط للإعجاب، وانعدام التعاطف”. هناك نوعين رئيسيين من النرجسية. النوع الأول، وهو النرجسية المتضخمة، حيث يُظهر الأشخاص المصابون بهذا النوع إحساسًا متضخمًا بالذات ويبدون غالبًا متغطرسين، ويعتقدون أنهم يستحقون معاملة خاصة. أما النوع الثاني فهو النرجسية الحساسة، حيث يظهر الأفراد فيها أيضًا إحساسًا متضخمًا بالذات، لكنهم يشعرون بالحسد تجاه الآخرين، ويكونون أكثر حاجة للشعور بالاطمئنان.

يشترك كلا النوعين في ميلهما الشديد لمقارنة أنفسهم بالآخرين. يشعر النرجسي المتضخم بالحاجة لتحطيم الآخرين أو اعتبار نفسه أكثر استحقاقًا، ويستخدم النرجسي الحسّاس المقارنات التي تجعله يشعر أنه ضحية أو غيور أو متلهف للحصول على ما يمتلكه الآخرون.

بماذا يفكر النرجسي؟

أشارت دراسة حديثة إلى أن تفكير النرجسي بالآخرين ورغبته بمقارنة نفسه معهم قد تعمل كطوق نجاة، حيث تساعده على تضخيم إحساسه بذاته. وذكر الباحثون أن: “الشعور بالتفوق الذي يسعى إليه النرجسي من خلال المقارنات الاجتماعية المتكررة مع أشخاص أقل منه شأناً، يُعد أداةً مهمةً يستخدمها في الحفاظ على صورته المتضخمة عن نفسه”. هذه المقارنات الاجتماعية تقدم لنا مؤشرات قوية لفهم الطريقة التي يفكر النرجسي من خلالها، وأود أن أجادل بأنها أيضًا تعكس تأثير “الصوت الداخلي الناقد” لديه.

لفترة طويلة، ناقشتُ مفهوم “الصوت الداخلي الناقد”، الذي طوره والدي، د. روبرت فايرستون، باعتباره عملية تفكير مدمرة، ناتجة عن تجارب مؤلمة تشكل إدراكنا لذاتنا والآخرين والعالم من حولنا. هذا الصوت الداخلي القاسي يسيطر على المحادثات السلبية والتعليقات الناقدة التي تدور داخل عقولنا.

في حين أن الصوت الداخلي الناقد بالنسبة لكثير منا يكون مدمرًا لأنه يهاجمنا ويهيننا ويقلل من شأننا، إلا أنه أيضًا يمكن أن يتخذ أشكالًا أخرى مثل المهدئ للنفس أو المبالغ في تقدير الذات، وكذلك عدائيًا أو مشككًا أو مقللاً من شأن الآخرين. يقودنا هذا إلى طرح سؤال أكثر وضوحاً، فبدلاً من أن نسأل “كيف يفكر النرجسي؟” يمكننا أن نحصل على اجابة أدق إذا طرحنا السؤال بطريقة مختلفة: كيف يواجه النرجسي صوته الداخلي الناقد؟

بالإضافة إلى أصوات المقارنة هذه، قد يفكر النرجسي بأشياء أخرى تسيطر على عقله تماماً، مثل الحاجة إلى الشعور بالتميز أو الرغبة الملحة في جذب المزيد من الانتباه أو الثناء مثل:

  • “يضيعون وقتهم مع هؤلاء الناس، افعل شيئًا لتجعلهم ينظرون إليك.”
  • ” ألا يرون كم أنت متفوق؟ أنت مهم أكثر من أي شخص في هذا المكان.”
  • “رأيك هو الأهم. يجب أن يستمعوا إليك فقط.”
  • “أنت تعرف ما يحدث هنا أكثر من أي شخص آخر”
  • “يجب أن ينتبهوا لك. كيف يجرؤون على عدم الانتباه لك! لا بد أنهم أغبياء.”
  • “أنت تستحق الأفضل.”

بينما يدور نقاش محتدم حول ما إذا كانت هذه الأنواع من عمليات التفكير تنشأ من شعور عميق بعدم الأمان أو من شعور متأصل بتضخم الذات، فإنه من المثير للاهتمام استكشاف أسباب حاجة النرجسي للاستماع إلى هذه الأصوات. ماذا سيخسر لو تجاهلها؟ وما هي المشاعر التي قد تظهر في حال تجاهلها؟

جميع الأشخاص الذين تعاملت معهم واجتهدوا في محاولة فهم شخصياتهم النرجسية، وأبدوا استعدادهم لاستكشاف هذه الأسئلة، أشاروا إلى إجابة واحدة: “إذا لم يشعروا بالتميز، فإنهم لا يشعرون بالرضا عن أنفسهم”. عادةً ما يفكر النرجسي بطريقة متطرفة، ويتبنى تصورًا مفاده أنه إذا لم يكن شخصاً رائعاً، فإنه لا يساوي شيئًا، ولا يكفي أن يكون مثل الآخرين.

لماذا يفكر النرجسي بهذه الطريقة؟

بالنسبة لي، فإن طريقة تفكير النرجسي التي لا تحتمل خيارًا وسطاً، هي مؤشر على أن إحساسه بالذات خلال مرحلة نموه كان مجزأً. في مرحلة ما، تعلم أنه ليس من الجيد أن يكون على طبيعته. شيء ما حرف إحساسه بذاته وجعله يشعر بالتفوق؛ ولأن هذا التفوق سهل التهديد، فإن أساسه لابد أن يكون فارغًا أو غير موثوق به.

أفادت إحدى النساء التي حضرت ورشة عمل قمت بتدريسها بأنها كلما دخلت غرفة مليئة بالناس، كانت تتجول فيها وتقارن نفسها بكل شخص. وعندما بحثت عن جذور هذا السلوك، تذكرت أن والدتها كانت دائمًا تقارنها بفتيات أخريات، وتخبرها باستمرار بأنها الأجمل.

أظهرت دراسة حديثة أن الميول إلى النرجسية يرتبط بالمبالغة في تقدير الوالدين لأطفالهم، وليس بانعدام رعايتهم العاطفية. ومن المثير للاهتمام، أن العكس تمامًا ينطبق على تقدير الذات، حيث يرتبط بحنان الوالدين ورعايتهم، وليس بالمبالغة في التقدير. فالوالد الذي يمنح أطفاله معاملة خاصة أو يقدم لهم ثناءً زائفًا، لا ينقل لهم بالضرورة حبًا حقيقيًا أو دفئًا أو رعاية حقيقية، بل قد يكون ذلك تعويضًا عن افتقاره لهذه المشاعر. ومن ثم، فهو على الأرجح لا يدعم شعور الطفل بذاته للحصول على مستوى صحي من تقدير الذات، بل قد يزرع في طفله ميولاً نرجسية.

إقرأ عن:
تأثير الأم النرجسية على أبنائها وبناتها
تأثير الاب النرجسي على أبنائه

كيف يمكن للشخص النرجسي مواجهة شعوره المتضخم بالذات؟

الشعور المتضخم بالذات هو في جوهره شعورًا بالفراغ. يمكن للشخص النرجسي أولاً محاولة التعرف على صوته الداخلي الناقد، وملاحظة متى يبدأ هذا “الصوت” في الظهور من خلال التعليقات التي تمجد الذات أو تقلل من شأنها، خاصة عند مقارنة نفسه بشكل سلبي مع الآخرين. بعد ذلك، يمكنه البدء في اعتبار هذا الصوت كمتحدث خارجي، بدلاً من قبوله كوجهة نظر حقيقية تعبر عنه.

ملاحظة الصوت الداخلي الناقد

في البداية، يمكن للشخص ذو الميول النرجسية ملاحظة صوته الداخلي الناقد، وربما أخذ استراحة قصيرة من الانخراط في الأفكار التي يولدها. مع الوقت، قد يطور القدرة على كبح هذا الصوت من خلال مواجهته بمنظور أكثر واقعية، وأكثر تعاطفًا تجاه نفسه وتجاه الآخرين. حينها، يمكنه البدء في استكشاف مصادر هذه الأصوات. هل تبدو وكأنها لشخص من الماضي؟ هل رفض هذه الأصوات يهدد إحساسي بذاتي؟ لماذا أعتبر ذلك تهديدًا؟ وما هي الأفكار أو المشاعر التي قد تظهر إذا تحديت هذا الصوت؟ وأخيرًا، يمكن للشخص اتخاذ إجراءات تتعارض مع توجيهات هذا الناقد الداخلي.

التعاطف مع الذات

الشيء الثاني الذي يمكن أن يساعد الشخص في مواجهة نرجسيته هو التعاطف مع الذات – أي معاملة الذات بلطف. قبول التعاطف مع الذات وممارسته، وتعليمه لأنفسنا ولأطفالنا، يمكن أن يكون أقوى ترياق للنرجسية. وعلى عكس احترام الذات، فإن التعاطف لا يرتبط بالنرجسية لأنه لا يعتمد على تقييم الذات بشكل صارم، بل يعتمد على معاملة أنفسنا بلطف تمامًا كما نعامل أصدقاءنا المقربين.

وفقًا للدكتورة كريستين نيف، الباحثة الرائدة في هذا المجال، يتجلى التعاطف مع الذات في ممارسة اليقظة الذهنية تجاه أفكارنا ومشاعرنا. تعلمنا هذه اليقظة، ألا نرتبط ارتباطًا وثيقًا أو نبالغ في التعرف على الأفكار والمشاعر والأصوات الداخلية الناقدة التي قد تحاول توجيهنا والسيطرة علينا. يمكننا أن نتعامل مع هذه المواقف بفضول وندعها تمر ببساطة، دون أن ننجرف وراء الأفكار المدمرة التي تخبرنا بضرورة أن نكون مميزين أو الأفضل، أو أن ننتقد الآخرين من خلال مقارنتهم بأنفسنا.

قبول إنسانيتنا المشتركة

آخر عنصر من عناصر التعاطف مع الذات، وربما يكون الأكثر فعالية في مواجهة النرجسية، هو قبول إنسانيتنا المشتركة. هذا يعني تقبل حقيقة أننا لسنا مختلفين أو مميزين بشكل استثنائي، وأن كل فرد منا يستحق التقدير تمامًا مثل أي شخص آخر. قد يشكل هذا تحديًا خاصًا للأشخاص الذين يعانون من النرجسية، لأنه يتحدى دفاعهم عن الحاجة للشعور بالتميز، وفي الوقت ذاته يتحدى الجانب الآخر من تفكيرهم، وهو شعورهم بأنهم لا يساوون شيئًا.

بالنسبة للأشخاص الذين يحاولون تحدي ميولهم النرجسية، قد تكون مواجهة الواقع مؤلمة جداً. وذلك لأن النرجسية غالبًا ما تقدم لهم تعويضاً عن المشاعر القديمة المؤلمة، التي نشأت نتيجة تلقي معاملة مليئة بالمديح والحب الزائف. التخلي عن تضخيم الذات قد يشعرهم بالتهديد وعدم اليقين. ففي وقت مبكر من حياتهم، تعلموا أن التصرف على طبيعتهم ليس كافيًا، مما جعلهم يلجأون إلى المبالغة بذاتهم. لذلك، يجب أن يتحلوا بالشجاعة لمراجعة الماضي، وتحدي أنفسهم، وإعادة تشكيل المواقف المدمرة التي شكلت إحساسهم بالذات. خلال هذه العملية، يمكن أن يكون التعاطف مع الذات أداة قوية تساعدهم على فهم الماضي وإسكات الصوت الداخلي الذي يعزز نرجسيتهم.

إقرأ المزيد:
هل هناك علاج للنرجسية؟
ما هي أكبر مخاوف النرجسي؟

ترجمة وإعداد: أسامة ناشر


المصادر

مقال منشور على موقع “سَيْك ألايف”، ترجم إلى اللغة العربية، ويُنشر حصريًا على منصة نرجسي بإذن خاص من الدكتورة ليزا فايرستون.

Lisa Firestone, Ph.D. What Really Goes On in the Mind of a Narcissist?, PsychAlive, https://www.psychalive.org/what-really-goes-on-in-the-mind-of-a-narcissist/

شارك المنشور لتعم الفائدة!
د. ليزا فايرستون
د. ليزا فايرستون

الدكتورة ليزا فايرستون هي عالمة نفس، ومديرة للأبحاث والتدريب في جمعية جلندون في كاليفورنيا. الدكتورة فايرستون متخصصة في الوقاية من الانتحار والعنف، ووسائل الدفاع النفسية، وديناميكيات العلاقات، ولديها أكثر من 20 عامًا من الخبرة في هذا المجال. حصلت على درجة الدكتوراه في علم النفس السريري من كلية كاليفورنيا لعلم النفس المهني في عام 1991. بالتعاون مع والدها، الدكتور روبرت فايرستون، طورت العديد من أدوات التقييم، بما في ذلك تقييم فايرستون لأفكار التدمير الذاتي وتقييم فايرستون للأفكار العنيفة، والتي ساهمت بشكل كبير في فهم سلوكيات التدمير الذاتي.