كيف أتعافى من إساءة الحبيب النرجسي؟
يريد قلبي شخصًا، ويخبرني عقلي بأنه مسيء؟
لماذا لا أستطيع نسيان حبيبي السابق مع أنه أساء إليّ؟
كثيرًا ما يسألني الأشخاص الذين خرجوا مؤخرًا من علاقات سامة مع نرجسيين هذا السؤال، يقولون: كان شريكي السابق يعاملني بغاية البرود. وعندما تخلى عني، كنت في حالة يُرثى لها. فقدت تقديري لذاتي وثقتي بنفسي، واستغرقت أسابيع لأتوقف عن البكاء. الآن، أتلقى العلاج النفسي وأعيش حياتي بشكل طبيعي. أرى أنني أفضل حالًا بدون تلك العلاقة، لكنني ما زلت أفكر فيه يوميًا، وأتمنى لو أننا بقينا معًا. لماذا لا أستطيع نسيان هذا الشخص وأتفرغ للتركيز على حياتي؟
لشرح هذا الشعور المتناقض، علينا أن ندرك أن عقولنا وقلوبنا تسير أحيانًا في مسارات منفصلة. ولذلك فإن مفتاح التعافي يكمن في إيجاد طريقة لجعلهما يتصلان مع بعضهما.
يقول قلبك: “أنا أحب هذا الشخص.”
ويقول عقلك: “قُضي الأمر. لقد أساء إليك، وعليك الابتعاد نهائيًا.”
قد يستمر هذا الحوار الداخلي المتأرجح بين الماضي والحاضر لفترة طويلة لكن دون جدوى، لأن كل منهما يمثل وجهة نظر مختلفة تمامًا لنفس الموقف. تركز الأولى على روعة العلاقة عندما كانت تسير بشكل جيد، بينما تؤكد الأخرى على حقيقة انتهائها. في مثل هذه الحالة، لن يفيدك البقاء في وضع الإنتظار أو الغرق بالتفكير على أمل حدوث شيء يكسر هذا الجمود العاطفي. هناك خطوات يمكنك اتخاذها لتسريع عملية التعافي من إساءة الحبيب النرجسي، وإنهاء هذه الدائرة من الشد والجذب.
ملاحظة: في هذه المقالة، أستخدم المصطلحين ‘نرجسي’ و’نرجسية’ كاختصار لوصف شخص مر بتجربة في طفولته أدت إلى تطوير “سلوك نرجسي”. هذا الشخص يظهر الآن نمطًا من السلوكيات يُعرف بـ ‘النرجسية’ أو إضطراب الشخصية النرجسية.
اطلع على:
– المراحل التي تمر بها العلاقة مع شخص نرجسي
تحدي المعتقدات الخاطئة
إليك تمرين من أربعة أجزاء يمكن أن يسرع من عملية تعافيك:
الجزء الأول: كتابة معتقداتك الخاطئة
دوِّن كل الأفكار التي تعتقد أنها تعيقك عن نسيان شريكك النرجسي السابق، وتمنعك من البحث عن شريك جديد. على سبيل المثال، إليك قائمة لورا، إحدى المتابعات لي:
١- معاملته السيئة لي كانت بسببي.
٢- كان بإمكاني فعل شيء لإنجاح العلاقة.
٣- يعامل حبيبته الجديدة بطريقة أفضل لأنها أجمل مني.
٤- لن أجد شخصًا آخر يجعلني أشعر بالرضا والتميز كما كان يفعل.
تنبع قائمة لورا هذه من العاطفة. الجانب العاطفي منها يحنّ إلى ما كانت عليه في أفضل حالاتها مع شريكها السابق. هذا الجانب يرفض مواجهة ألم الاعتراف بواقعها الحالي – وهو أنها لن تحصل على حب دائم أو مستقبل مثالي معه. فكرة أنه لا يمكن استخلاص أي شيء مفيد من هذه العلاقة سوى العبرة، مؤلم جداً بالنسبة إليها، ولا تستطيع مواجهته وتقبله. بدلاً من ذلك، تحاول إقناع نفسها منطقيًا بأنه ما زالت هناك طريقة لإنقاذ العلاقة إذا أتيحت لها الفرصة مجددًا.
يقول لها قلبها: “انتظري! ربما ما زال بإمكانك استعادته، وهذه المرة ستتمكنين من إنجاح العلاقة.” للأسف، هذا من النوع الناس دائما ما يتحمل العبء الأكبر من اللوم عند فشل العلاقة.
الجزء الثاني: من كان يلقي اللوم عليك في طفولتك؟
معظم عملائي الذين يميلون إلى تحميل أنفسهم مسؤولية فشل العلاقات أكثر من اللازم، كان لديهم أحد الوالدين الذي يلومهم بطريقة غير عادلة. لكي تتجاوز هذه المسألة، عليك أن تدرك أن جزءًا مما يمنعك من رؤية الصورة الواقعية لانفصالك الحالي، يعود إلى كونه تكرارًا لموقف مشابه حدث لك في طفولتك. اسأل نفسك: من كان يلومني دائمًا عندما يحدث أي خطأ؟ لمعرفة المزيد حول هذه المواقف وكيفية التخلص منها إقرأ عن السلوكيات التي يؤثر بها لآباء النرجسيين على أبنائهم.
مثال عن لورا:
نشأت لورا على يد أم نرجسية كانت تلقي عليها اللوم في كل شيء تقريبًا. إذا فسد اللبن في الثلاجة، كانت تقول لها: “لا بد أنكِ تركته في الخارج.” وعندما كانت والدتها تغضب وتصرخ عليها في الشارع، كانت تلقي باللوم عليها قائلة: “لقد جعلتني أفقد أعصابي! لو لم تكوني وقحة، لما اضطررت إلى الصراخ عليك في الأماكن العامة”.
الجزء الثالث: ماذا تستفيد من حماية شريكك السابق المسيء، وإلقاء اللوم على نفسك؟
إلقاء اللوم على أنفسنا لا ينبع فقط من تجاربنا وعاداتنا السابقة، بل يخدم أيضًا أهدافًا نفسية خفية بداخلنا. لتجاوز هذه المرحلة، من المهم أن تستكشف وتفهم الفوائد التي تحققها عندما تدافع عن شريكك السابق وتوجه اللوم نحو نفسك.
كان هذا السؤال صعبًا على لورا للإجابة عليه، لكنها في النهاية قالت:
إذا كان الخطأ من عندي، فأنا مستعدة لتحسين علاقتنا. لقد أحببت الطريقة التي جعلني أشعر بها في البداية عندما كان يخبرني كم أنني مميزة وجميلة. يصعب عليّ التخلي عن ذلك الشعور، لم يجعلني أحد أشعر بهذه الثقة من قبل. إذا قبلت حقيقة أنه نرجسي، وأنه لا يمكنني فعل أي شيء لتغيير سلوكياته، سأضطر للتخلي عن الأمل في استعادته لما كان عليه. كلما أفكر فيه، أتخيله فقط بالطريقة التي كان عليها في البداية، وليس عندما كان يسيء معاملتي.
الجزء الرابع: كتابة المعتقدات الصحيحة
في هذا الجزء، ستقوم بكتابة “الحقيقة” بجانب كل اعتقاد خاطئ ذكرته في الجزء الأول. تأكد من أن تكون هذه الحقيقة ما يخبرك به عقلك (حتى لو كان قلبك لا يريد تصديقه).
إليك قائمة لورا الجديدة:
١- ليس ذنبي أنه كان مسيئًا. لديه سوابق في الإساءة للنساء.
٢- لم يكن باستطاعتي فعل شيء لتغيير ما حدث.
٣- يعامل النساء بشكل جيد فقط في البداية، عندما يريد التقرب إليهن.
٤- سوف يسيء معاملة شريكته الجديدة أيضًا.
٥- هناك الكثير من الرجال الذين سيجدونني جذابة ومميزة بطريقة طبيعية، ولن تتغير نظرتهم لي.
نصيحتي لك: كلما وجدت نفسك تفتقد شريكك السابق أو تلوم نفسك، أعد قراءة الجزء الرابع مرة أخرى.
الخلاصة
عملية التعافي من إساءة الحبيب النرجسي تكون صعبة جداً، لأننا نميل إلى التركيز على الجوانب الإيجابية فقط. نخدع أنفسنا بأننا كنا نستطيع فعل أشياء مختلفة، ونتخيل أن شريكنا السابق سيمنح الحب المثالي والأبدي الذي طالما تمنيناه إلى شخص آخر. يتطلب الأمر مواجهات متكررة مع الحقيقة المؤلمة، لكي نتخلص من خيالنا بأننا فقدنا شيئًا جميلاً لا يمكن تعويضه.
اطلع على:
– مراحل التعافي من الإساءة لنرجسية
ترجمة وإعداد: أسامة أحمد
مقال منشور على موقع “سيكولوجي تودي”، ترجم إلى اللغة العربية، ويُنشر حصريًا على منصة نرجسي بإذن خاص من الدكتورة إلينور غرينبيرغ، مؤلفة كتاب “التكيفات الحدية، والنرجسية، والانطوائية: السعي وراء الحب والإعجاب والأمان”
Written by Elinor Greenberg, PhD. How Do I Heal from Narcissistic Abuse?, Understanding Narcissism, Psychology Today, https://www.psychologytoday.com/intl/blog/understanding-narcissism/201807/how-do-i-heal-narcissistic-abuse
Dr. Greenberg is the author of the book: Borderline, Narcissistic, and Schizoid Adaptations: The Pursuit of Love, Admiration, and Safety.”