قصص النرجسي
جميــع المقــــالات

الـرئيسيــــــــة
تواصل معنا
مــن نحــــــــن
تطوع للتوعية بالنرجسية
نموذج طلب تطوع

قصص النرجسي
جميــع المقــــالات

الـرئيسيــــــــة
تواصل معنا
مــن نحــــــــن
تطوع للتوعية بالنرجسية
نموذج طلب تطوع

كل ما تحتاج إلى معرفته عن العلاقات النرجسية

محتوى المقال



تنشأ العلاقات النرجسية عندما يكون أحد الشريكين أو كلاهما مصابًا باضطراب الشخصية النرجسية، وهو اضطراب نفسي تُعرفه مؤسسة مايو كلينك بأنه “شعور مبالغ فيه بالأهمية والحاجة المفرطة إلى الإعجاب، مع الاعتقاد بالتفوق على الآخرين، وعدم الاكتراث بمشاعرهم. خلف هذا التظاهر المفرط بالثقة يكمن احترام هش للذات ينهار بسهولة عند تلقي أبسط انتقاد.”

يشهد عالمنا اليوم تزايدًا ملحوظًا في انتشار النرجسية. وتؤكد الإحصاءات العلمية أننا نواصل السير في هذا الاتجاه بشكل متسارع. فعقلية “انظروا إليّ!” التي تروج لها منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، جعلت الناس مهووسون بتقديم صورة إيجابية عن أنفسهم للعالم. بالإضافة إلى أننا ربما نشهد الآن الآثار السلبية الناتجة عن السلوكيات النرجسية بشكلها الجماعي. لكن كيف يؤثر هذا الارتفاع في علاقاتنا الشخصية؟ ببساطة، عندما يكون هناك زيادة في نسب النرجسية يعني أن هناك زيادة في العلاقات النرجسية.

عبر عالم النفس من جامعة ولاية أوهايو، البرفيسور براد بوشمان، عن الأمر بوضوح عندما قال: “النرجسيون شركاء سيئون جداً في العلاقات.” تُظهر الدراسات أن الشريك النرجسي يميل إلى الإنخراط في سلوكيات الخداع وممارسة الألاعيب، ويصبح أقل التزاماً بالحفاظ على العلاقة على المدى الطويل. وغالباً ما يكون التأقلم مع شريك نرجسي صعبًا جدًا. لتسليط الضوء على نتائج وصراعات وآثار هذا النوع من العلاقات، أجرينا في موقع “Psychalive.org”مقابلة مع عالمة النفس والمؤلفة الدكتورة ليزا فايرستون، للإجابة على بعض الأسئلة المهمة حول هذا الموضوع.


كيف أعرف أنني في علاقة نرجسية؟

عند التفكير في النرجسية، غالبًا ما يخطر ببالي تلك الدعابة حيث يستمر الشخص بالحديث عن نفسه دون توقف، ثم يقاطع نفسه فجأة ويقول: “أوه.. يكفي حديثًا عني يارجل، أخبرني الآن عن رأيك بي!” إذا كان شريك حياتك يصب كل تركيزه على نفسه، ويحتاج دائمًا إلى الاهتمام والإطراء، فقد يكون نرجسيًا. إذا كان يشعر بالإهانة لأتفه الأسباب أو يبالغ في رد فعله عندما يتم انتقاده، فقد يكون نرجسيًا أيضًا. إذا كان يعتقد أنه دائماً على حق أو يعرف أكثر منك ويحاول إثبات أنه الأفضل، فإن هذه أيضًا علامات على النرجسية. بالإضافة إلى أنه لا يهتم بك إلا عندما يحتاج إليك لخدمة مصالحه أو تحقيق رغباته، وتجد نفسك تحت ضغوط نفسية بشكل متواصل.

اطلع على المراحل التي تمر بها العلاقة مع شخص نرجسي

تقدر الإحصائيات أن حوالي 1٪ من سكان أمريكا يعانون من اضطراب الشخصية النرجسية، مع أن العديد من الحالات لا يتم تشخيصها نظرًا لرفض المصابين طلب العلاج. تُظهر الدراسات أن الرجال أكثر عرضة لهذا الاضطراب، إذ يشكلون حوالي 75٪ من الحالات المشخصة. وعلى الرغم من أن الكثير من الأشخاص قد يمتلكون سمات نرجسية أو أنانية، فإن قلة منهم يستوفون معايير التشخيص.

هناك تزايد ملحوظ في عدد الذين “يُظهرون سمات نرجسية سامة” تؤثر سلباً على حياتهم وحياة الآخرين. التعامل مع أفراد لديهم هذه الصفات قد يسبب معاناة مماثلة لتلك الناتجة عن التعامل مع أفراد مشخصين فعلياً.

وجدت دراسة حديثة من جامعة ولاية أوهايو أن هناك سؤالاً واحداً يمكنه تحديد النرجسيين بدقة تشبه التي يحددها اختبار تشخيص النرجسية المكون من 40 سؤالًا، يقول السؤال:

قيم نفسك على مقياس من 1 إلى 7: “إلى أي مدى تتفق مع هذه العبارة: أنا نرجسي؟” مع ملاحظة أن: “نرجسي” تعني أناني ومتمركز حول الذات ومغرور.

تفترض هذه الدراسة أن الكثير من النرجسيين يعترفون صراحةً بميولهم النرجسية. لكن من المهم معرفة أن غالبيتهم يقاومون فكرة الخضوع لتشخيص اضطراب الشخصية النرجسية. فهم يكرهون وصفهم بـ “النرجسيين”، وغالباً ما يستجيبون بردود فعل غاضبة وانفعالية.

فيما يلي بعض السمات الشائعة التي قد تظهر على شريك نرجسي. (مع ملاحظة أن درجة ظهور هذه الصفات تختلف بشكل كبير من شخص إلى آخر.)

  • شعور مبالغ فيه بالتفوق أو أحقية المعاملة الخاصة.
  • انعدام التعاطف تجاه مشاعر الآخرين.
  • التلاعب أو السيطرة.
  • الحاجة الملحة للإعجاب.
  • التركيز على الاحتياجات الخاصة، واهمال احتياجات الآخرين.
  • مستوى عدوانية مرتفع.
  • عدم تقبل الملاحظات حول سلوكياته بسهولة.


لماذا يصبح الشخص نرجسياً؟

يعاني النرجسيون من تضخم في تقدير الذات (أصوات داخلية تمدح الذات وتضخمها)، وهي إحدى مكونات ما يسميه والدي، الدكتور روبرت فايرستون، بـ “الذات المعادية”. تحْت قناع القوة الذي يضعه النرجسي يوجد شخصية هشة جداً، لأن الجانب الآخر لهذا القناع هو إنخفاض شديد في تقدير الذات، وهو المكون الآخر للذات المعادية (يتشكل هذا المكون من “أصوات ناقدة داخلية” مهينة جداً وشديدة القسوة).

لهذا السبب، يمكن لأي نقد، حتى وإن كان بسيطاً، أن يُحدث جرحاً عميقاً للنرجسيين. يدفعهم النقد إلى الإنفجار غضباً في محاولة يائسة لاستعادة ثقتهم الهشة والمتضخمة. غالبًا ما يُساعدهم التعالي على إعادة بناء شعورهم بالتفوق. يعد هذا التعالي سلوكاً شائعاً في العلاقات النرجسية، وينشأ بسبب حالة اليأس التي تسيطر على النرجسيين وتدفعهم لإظهار التفوق باستمرار.


ما هي أنواع النرجسية؟

يُظهر النرجسيون المتضخمون مستويات عالية من الشعور بالعظمة والعدوانية والرغبة في السيطرة. يميلون إلى أن يكونوا أكثر ثقة بالنفس وأقل حساسية تجاه الآخرين. يتميزون بمهارات وقدرات استثنائية، ولا يترددون في التباهي بإنجازاتهم. عادةً نشأ هؤلاء الأشخاص في بيئة عززت من شعورهم بالتفوق وعاملتهم كأشخاص استثنائيين، وهم الآن يتوقعون استمرار نفس المعاملة طوال حياتهم. في العلاقات، يميلون إلى خيانة شركائهم أو التخلي عنهم فجأة، خاصةً إذا لم يتلقوا المعاملة الخاصة التي يعتقدون أنهم يستحقونها.

أما النرجسيون الحساسون، فيظهرون حساسية شديدة تجاه مشاعرهم. لديهم ما يصفه الدكتور كامبل بـ “الشعور الهش بالعظمة”، حيث تعمل نرجسيتهم كدرع يحمي شعورهم بالنقص وعدم الكفاءة. يتأرجحون بين الإحساس بالتفوق والدونية، وغالباً ما يصنفون أنفسهم كضحايا أو ينتابهم القلق إذا لم يُعاملوا كأشخاص مميزين. عادةً ما يتطور هذا النوع من النرجسية في الطفولة المبكرة كآلية للتكيف مع سوء المعاملة أو الإهمال الذي تعرضوا له. في العلاقات، يشعرون بالقلق من نظرة شركائهم، ويمكن أن يكونوا شديدي التملّك والغيرة، ومهووسون بشأن أي خيانات أو مغازلات محتملة قد يقوم بها شركائهم.


كيف يؤثر الشريك النرجسي على العلاقة؟

العلاقات النرجسية عادة ما تكون مليئة بالتحديات والمعوقات. فالنرجسيون يجدون صعوبة حقيقية في إظهار مشاعر الحب للطرف الآخر، لأنهم ببساطة لا يحبون أنفسهم. انشغالهم المستمر بأنفسهم يعيقهم تماماً عن رؤية شريكهم كشخص منفصل ومستقل. ينظرون إليه فقط من خلال مدى تلبيته لاحتياجاتهم الشخصية (أو فشله في ذلك). ولذلك، يميلون إلى تقدير الأزواج والأبناء بناءً على قدرتهم في إشباع هذه الاحتياجات. غالباً ما يفتقر النرجسيون إلى التعاطف مع مشاعر شركائهم، مما يترك جروحاً عميقة لدى الطرف الآخر نتيجة البرود العاطفي.

رغم كل هذه السلبيات، إلا أن الكثرين ينجذبون إلى العلاقات النرجسية. يرجع السبب إلى أن النرجسيون يمتلكون قدرةً ساحرة على الإبهار خصوصاً في البدايات. يتميزون بشخصيات قوية وروح مرحة تجعلهم نجوم الحفلات. يُشعِرونك بأنك شخص مميز، وأن اختيارهم لك من بين الجميع دليلٌ على تميزك. لكن مع مرور الوقت، تظهر حقيقتهم، وتنكشف سلوكياتهم في حب السيطرة والغيرة الشديدة وعدم تقبل الانتقادات. وعندما يتعرضون لجروح نرجسية، يطلقون سهامًا لاذعةً من الإهانات واللوم، ويستجيبون بردود فعل حادة تهدف إلى جذب الانتباه.

تعرف على مراحل التعافي من الإساءة النرجسية

يقول خبير اضطراب الشخصية النرجسية، الدكتور دبليو كيث كامبل: “تصبح التأثيرات النرجسية أكثر وضوحًا في العلاقات العاطفية. إذ يميل النرجسيون إلى الظهور بطريقة أكثر جاذبية في اللّقاءات الأولى مع الغرباء، لكن بريق هذه الجاذبية يتلاشى بمرور الوقت، عندما يصبح الطرف الآخر أكثر دراية بسلوكهم”. يصف الأشخاص الذين عاشوا علاقات نرجسية طويلة الأمد المرحلة الأولى بأنها فترة شهر عسل حماسية وممتعة، تليها فترة تدهور سريع في العلاقة، حيث يقل الإعجاب وتزداد التصرفات الأنانية. يميل النرجسيون إلى الوقوع في الحب بشكل جنوني وهم متسرعون جداً في الارتباط، لكنهم يجدون صعوبة في الحفاظ على هذا الحب المبدأي.

الدخول في علاقة نرجسية يجعلك تشعر بوحدة قاتلة. قد تشعر وكأنك مجرد شيء ثانوي لا قيمة لك ولا لأفكارك أو رغباتك. يتعالى الشريك النرجسي عليك دائمًا بصوابية آرائه وأفضلية أفكاره. يراك شريكاً مخطئًا على الدوام وناقصًا، مما يدفعك إما إلى الغضب لتدافع عن نفسك باستمرار، أو تنصاع للصورة السلبية التي يرسمها لك، فتفقد حينها احترامك الكامل لذاتك.


كيف نساعد أنفسنا لنتمكن من التعامل مع الشريك النرجسي؟

إذا وجدت نفسك في علاقة نرجسية، يمكنك البدء بطرح التساؤلات حول الوضع الذي اخترته لنفسك، والتفكير في الدوافع اللاواعية التي أدت إلى اختيارك لمثل هذا الشريك. هل تربيت على يد والد أناني كان يهتم بنفسه فقط؟ هل تُفضل أن يتحكم شريكك في كل شيء لتتجنب مسؤولية اتخاذ القرارات؟ هل تشعر بالأهمية لتواجدك مع شخص تسلط عليه الأضواء؟ هل تتوافق انتقادات شريكك المتعالي مع نظرتك السلبية لنفسك؟ غالباً ما يعاني الكثير ممن يقعون في حب الأشخاص النرجسيين من مشكلات تتعلق بـ “الاعتمادية المتبادلة”. يتحملون قدرًا معينًا من الإساءة، لأنهم لا يشعرون بالثقة الكافية لوضع حدود صحية، أو الاعتماد على أنفسهم في إدارة شؤون حياتهم.


كيف يمكن للأشخاص أن يواجهوا نرجسيتهم، وأن يتغلبوا عليها؟

كتبت مقال مفصل حول هذا الموضوع بعنوان “هل هناك علاج للنرجسية“، حيث ناقشت مفهوم التعاطف مع الذات كأحد الأساليب الفعالة لمواجهة النرجسية والتغلب عليها. بالإضافة إلى فكرة التعرف إلى مواقف صوتهم الداخلي الناقد، والانفصال عنها تماماً. عادةً ما يكون لهذا الصوت المتحكم أوجه متعددة، ويقوم بإصدار أحكامه بناءً على المواقف التي يواجهها:

  • صوت تهدئة الذات: يقدّم حلولاً مؤقتة لتخفيف الشعور بالمعاناة، ويتجنب مواجهة المشاعر الحقيقية.
  • صوت تضخيم الذات: يركّز على تعزيز الشعور بالأهمية والقوة، ويشجع الشخص على تجاهل أي شكوك أو انتقادات داخلية.
  • صوت الهجوم على الذات: يهاجم الشخص ويشوه نظرته لنفسه، ويزيد من حدة سلوكياته الدفاعية.

هذه المواقف والأصوات، أصبحت متجذرة في أذهانهم منذ الطفولة. ولذلك، يتطلب منهم أولاً التعرف عليها، سواءاً تلك الموجهة إليهم أو للآخرين، ثم العمل على تغييرها. يُعد “العلاج الصوتي” أحد الأساليب الفعالة التي قد تساعدهم في تغيير أنفسهم. وهو أسلوب علاجي يركز على استكشاف ودمج الأوجه المتعددة للأصوات الموجودة داخل الشخص.

أما الطريقة الأخرى للتعامل مع النرجسية، فهي تعزيز فكرة التعاطف مع الذات بدلاً من التركيز على تقدير الذات. أجرت عالمة النفس الدكتورة كريستين نيف أبحاثًا مكثفة توضّح الفرق بين هذين المفهومين. يركز تقدير الذات على تقييم نفسك مقارنة بالآخرين ويدعم حاجتك للشعور بالتميز باستمرار، بينما يركز التعاطف مع الذات على معاملة نفسك بلطف، والاعتراف بإنسانيتك المشتركة مع الآخرين، واليقظة عند التفكير في جوانب شخصيتك السلبية.

وجدت دراسات الدكتورة نيف أن تقدير الذات يزيد من مستويات النرجسية، على عكس التعاطف مع الذات الذي يحد منها. التعاطف مع الذات يشمل فكرة الإنسانية المشتركة مع جميع البشر، مما يدفعنا لإظهار مزيد من التعاطف تجاه الآخرين. بالإضافة إلى أنه يعزز معرفتنا بحقيقة أنفسنا، وهي الصفة التي يفتقر إليها الكثير من النرجسيين. إذ يشجعنا على أن نكون يقظين بشأن أخطائنا لتجنب تكرارها، وهي الخطوة الأولى نحو تغيير الصفات السلبية في شخصياتنا.


ختــــاماً

لكي تكون هناك فرصة لاستعادة علاقة تأثرت بالنرجسية، يجب على النرجسي التغلب على سلوكياته الأنانية، مثل تضخيم الأنا، وانعدام التعاطف، والحاجة المستمرة للإعجاب، والشعور بالاستحقاق، وإلقاء اللوم على الآخرين. عليه مواجهة عاداته التي تغذي نرجسيته، والتخلي عن شعوره الزائف بالاستقلالية. أن يسعى لتطوير قدرته على التعاطف مع الآخرين واحترامهم، وأن يتجاوز الأنانية إلى مستوى يأخذ مشاعر الآخرين في الاعتبار ويساهم في تعزيز سعادتهم. الكرم والعطاء مثالان على السلوكيات التي تبني احترامًا حقيقيًا للذات، وتساعد على الخروج من دائرة “الأنا” الضيقة.

ترجمة وإعداد: أسامة ناشر


المصادر

مقال منشور على موقع “سَيْك ألايف”، ترجم إلى اللغة العربية، ويُنشر حصريًا على منصة نرجسي بإذن خاص من الدكتورة ليزا فايرستون.

Lisa Firestone, Ph.D., In a Relationship with a Narcissist? What You Need to Know About Narcissistic Relationships, PsychAlive, https://www.psychalive.org/narcissistic-relationships/

شارك المنشور لتعم الفائدة!
د. ليزا فايرستون
د. ليزا فايرستون

الدكتورة ليزا فايرستون هي عالمة نفس، ومديرة للأبحاث والتدريب في جمعية جلندون في كاليفورنيا. الدكتورة فايرستون متخصصة في الوقاية من الانتحار والعنف، ووسائل الدفاع النفسية، وديناميكيات العلاقات، ولديها أكثر من 20 عامًا من الخبرة في هذا المجال. حصلت على درجة الدكتوراه في علم النفس السريري من كلية كاليفورنيا لعلم النفس المهني في عام 1991. بالتعاون مع والدها، الدكتور روبرت فايرستون، طورت العديد من أدوات التقييم، بما في ذلك تقييم فايرستون لأفكار التدمير الذاتي وتقييم فايرستون للأفكار العنيفة، والتي ساهمت بشكل كبير في فهم سلوكيات التدمير الذاتي.