قصص النرجسي
جميــع المقــــالات

الـرئيسيــــــــة
تواصل معنا
مــن نحــــــــن
تطوع للتوعية بالنرجسية
نموذج طلب تطوع

قصص النرجسي
جميــع المقــــالات

الـرئيسيــــــــة
تواصل معنا
مــن نحــــــــن
تطوع للتوعية بالنرجسية
نموذج طلب تطوع

أسباب النرجسية وتطورها: أساليب التربية عند الوالدين

محتوى المقال


نُدرك جميعًا أنّ اضطراب الشخصية النرجسية يُسبّب للفرد شعورًا مبالغًا فيه بالأهمية، ودافعًا مستمرًا لنيل الإعجاب. ونعلم أيضًا أنّ الشخص النرجسي يُلحق ضررًا بالغًا بالذين من حوله. لكن ماهي الأسباب التي تكون الشخصية النرجسية؟ أو كيف تبدأ النرجسية؟ هل النرجسية مكتسبة أم فطرية؟ بعبارة أخرى، ما هي العوامل التي تحوّل طفل بريء إلى شخص يُمعن في إيذاء الآخرين بعد أن يكبر؟

يُشير عالم النفس البروفسور توماس وآخرون في مقال بحثي نشر عام 2018، إلى أن أسباب النرجسية متنوعة، وغالبًا ما تبدأ في الظهور قبل مرحلة البلوغ. وبينما يتجنب الأطباء النفسيون تشخيص اضطراب الشخصية النرجسية عند الأطفال، إلا أن علماء النفس الإكلينيكيين وعلماء الشخصية، يقرون بأن سمات النرجسية تبدأ بالظهور لدى الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 7 أو 8 سنوات. في هذه المرحلة من العمر، يبدأ هؤلاء الأطفال في تطوير دافع للحفاظ على نظرة إيجابية عن أنفسهم وتجنب النظرة السلبية، ويصبحون أكثر وعياً بأنفسهم وأكثر اهتماماً بكيفية رؤية الآخرين لهم.

هناك وجهات نظر متعددة حول هذه الأساليب، نظراً لتعقيدات الظروف التي ينشأ فيها الطفل وتفاعلها مع بقية العوامل. لكننا سنخوض في بعض الأساليب التي ثبت صلتها بشكل أو بآخر بالنرجسية، والتي خضعت للكثير من الأبحاث وما زال بعضها قيد الدراسة، كالمبالغة في تقدير إنجازات الطفل والتربية السلطوية والإهمال العاطفي والحماية المفرطة.

أولاً: المبالغة في التقدير

يتسم هذا الأسلوب بتقديم الثناء المبالغ فيه للأطفال، مما يُشجعهم على تكوين صورة غير حقيقية عن أنفسهم، معتقدين أنهم استثنائيون ومستحقون لكل شيء. يُقدم لهم الآباء ثقة مطلقة لفعل ما يشاؤون دون إبداء أي ملاحظات واقعية. وهو ما يعزز شعورهم بالتميز، ويُعيق تكوينهم لمفهوم صحّي عن الذات. يعتقدون أنهم مميزون بطبيعتهم، ويسعون إلى تلقي التقدير الخارجي (الثناء)، ليحافظوا على صورتهم المثالية التي رُسمت في أذهانهم.

تابعت هذه الدراسة أطفالًا تتراوح أعمارهم بين 7 و 11 عامًا لمدة سنتين، ووجدت أن الأطفال الذين يتلقون تقديرًا مبالغًا فيه من آبائهم، طوروا سمات نرجسية مع مرور الوقت. الجدير بالذكر أن هذه النتيجة كانت مرتبطة على نحو خاص بفكرة الشعور بالتميز، ولم تكن مرتبطة بمشاعر الحب. على سبيل المثال، ساعد الآباء الذين كانوا حنونين وعاطفيين على تعزيز ثقة أطفالهم بأنفسهم، ولم يسهموا في تعزيز السمات النرجسية لديهم. بينما من الناحية الأخرى، أدت المبالغة في التقدير والمديح إلى تضخم شعورهم بالذات.

الآباء الذين يُبالغون في تقدير أطفالهم، غالباً يكون لديهم توقعات عالية، ويرون أطفالهم استثنائيين. وعندما لا يلبي الأطفال هذه المعايير، يصابون بخيبة أمل، وربما يلجؤون إلى استخدام ردود فعل قاسية لإجبارهم على ذلك. تدفع هذه الأساليب الأطفال إلى بذل جهد أكبر للحصول على رضا آبائهم، وهو ما يُؤدّي إلى تعزيز النزعات النرجسية لديهم. إذ يعتقد الأطفال أن آباءهم ينظرون إليهم باعتبارهم مميزين، فيبدؤون باستيعاب تلك النظرة وإسقاطها على أنفسهم فعلياً.

ثانياً: التربية السلطوية

يتميز هذا الأسلوب بالسيطرة الصارمة على الأطفال والتركيز على فرض الطاعة بالقوة. وفقًا لدراسة نشرتها الدكتورة هارت وزملائها عام 2017، وجدت أن الأطفال الذين يشهدون هذا النوع من التربية يميلون إلى نسخ سلوك آبائهم، معتقدين أن فرض السيطرة هو السبيل الوحيد لكسب الاحترام وتحقيق الأهداف. يُعزز هذا الاعتقاد السلوك النرجسي لديهم، حيث يكبرون، وهم مؤمنين بضرورة السيطرة على الآخرين ليشعروا بالقيمة والأهمية.

يسود هذا النوع من التربية قيود صارمة، تعيق عملية نمو الطفل عاطفياً بطريقة سليمة. وفقًا للدكتورة هارت، فإن قمع استقلالية الطفل ومنعه من الاعتماد على نفسه يؤدي إلى تقويض ثقته بنفسه واحترامه لذاته. حيث يُطلب منه الطاعة العمياء، ولا يُشجع على التفكير الناقد والنقاش، فيفقد الثقة في قدرته على تكوين آرائه الخاصة واتخاذ القرارات الصحيحة. يلجأ إلى البحث عن القبول والتقدير لاحقاً، ويسعى لإثبات نفسه أمام الآخرين ليشعر بالراحة والأمان. وهو ما يعد سلوكاً شائعاً بين النرجسيين.

علاوة على ذلك، فإن البرود العاطفي المصاحب للتربية السلطوية يلحق ضرراً بالغاً بقدرة الطفل على تكوين علاقات صحية في المستقبل. وفقًا للدكتورة هارت، فإن غياب الحنان والدعم العاطفي يحرم الطفل فرصة تطوير مفهوم التعاطف، ومهارات الذكاء العاطفي. ولذا، قد يعاني هؤلاء الأطفال عندما يكبرون من صعوبة في فهم مشاعر الآخرين، مما يدفعهم إلى بناء علاقات سطحية مبنية على الأنانية وعدم المبالاة بالمشاعر. هذه الصفات، كما هو معروف، تشكل جوهر الشخصية النرجسية.

بالإضافة إلى أن التركيز على التسلسل الهرمي في التربية السلطوية يؤدي إلى تشويه تصور الطفل لنفسه. فبدلًا من أن ينظر إلى نفسه كفرد له قيمة وقدرة على الاختيار، يصبح مقتنعًا بأنه مجرد قطعة في منظومة هرمية تجبره على الانصياع. يعزز هذا التصور المشوه عن الذات سلوكياته النرجسية، ويسعى جاهدًا لإثبات تفوقه على الآخرين.

ثالثاً: الإهمال العاطفي

تشير الدكتورة جونيس ويب إلى أن الإهمال العاطفي هو البيئة المثالية لنمو الشخصية النرجسية، خصوصاً عندما يلجأ الآباء إلى سحق مشاعر أطفالهم، وليس إلى تجاهلها فحسب. ولذلك، يسعى هؤلاء الأطفال عندما يكبرون، لتعويض نقص الحب والاهتمام الذي عانوه في طفولتهم من خلال المبالغة في إنجازاتهم والبحث المستمر عن الإعجاب والإشادة.

هذا السعي المستمر يخلق لديهم صورة هشة عن الذات، ويجعلهم شديدي الحساسية تجاه النقد ومتلهفين دائمًا لتلقي الثناء. وعندما يكبرون، يعانون من صعوبة في بناء علاقات آمنة ومستقرة، ويسيطر عليهم الخوف من الرفض وعدم الثقة بأنفسهم.

شعورهم بالنقص يدفعهم إلى تبني سلوكيات تلاعب وخلق جاذبية مصطنعة، بهدف حماية أنفسهم من الشعور بالعجز والإهمال. ومع أنهم قد يبدون واثقين من أنفسهم ظاهرياً، إلا أنهم يعانون في أعماقهم من شعور بعدم الأمان والحاجة الدائمة إلى التقدير والإعجاب.

رابعاً: الحماية المفرطة

أظهرت دراسة أجراها فان شي وزملاؤه عام 2020 أن التربية القائمة على الحماية المفرطة قد تؤدي إلى ظهور سمات نرجسية لدى الأطفال. عندما يكثر الوالدان من التدخلات في حياة الطفل، مثل أداء واجباته المدرسية أو اختيار أصدقائه أو التحكم في أنشطته بحرص زائد، فإنهم يحرمونه من فرصة تطوير استقلاليته واكتساب مهارات حل المشكلات.

هذه النوع من التربية، يعمل على تعزيز شعور الطفل بالأهمية بشكل مبالغ فيه، حيث يعتمد على والديه في كل القرارات، مما يضعف ثقته بنفسه ويزيد من احتمالية تطويره سمات نرجسية، سواء كانت نرجسية متضخمة أو حساسة. البيئة المحمية تمنعه من مواجهة تحديات الحياة، وتحد من قدرته على التكيف. ينشأ هذا الطفل معتقداً أنه يستحق الأفضل دائمًا دون الحاجة إلى بذل أي جهد حقيقي.

إقرأ مقال: هل هناك علاج للنرجسية؟

أساليب التربية السليمة لتجنيب الأطفال خطر الإصابة بالنرجسية

أساليب التربية تعد من اقوى أسباب النرجسية، ويجب على الوالدين الحذر جيداً عند التعامل مع أبنائهم. في مقالة نُشرت على موقع “سيكولوجي توداي”، تناولت الدكتورة جيرالدين بيوركوسكي، المختصة في علم النفس، مجموعة من الأساليب التربوية التي يمكن أن يتبعها الآباء لتجنب تنشئة أطفال نرجسيين. فيما يلي ملخص لأبرز هذه الأساليب:

  • من الجيد أن تحتفل بإنجازات طفلك، ولكن من المهم أيضاً أن تقف بجانبه عند الفشل. علمه أن الفشل جزء طبيعي من الحياة وفرصة للتعلم والتطور. ادفعه إلى التفكير في أسباب فشله، والتحسين من أدائه ليتجنب الأخطاء في المرة القادمة.
  • ازرع في طفلك قيمة العمل الجماعي والتعاون. اشرح له أننا في الحياة الواقعية ننجح غالبًا من خلال العمل معًا وليس بمفردنا. شجّعه على التعاون مع أصدقائه أثناء اللعب أو القيام بالأنشطة، وحثّه على مساعدة الآخرين.
  • تحدث مع طفلك عن مشاعر الآخرين. ناقش معه كيف يشعرون عند تعرضهم للتنمر أو الإهانة أو الأذى. اطلب منه أن يضع نفسه مكانهم وأن يحاول فهم مشاعرهم.
  • من الجيد الإشادة بطفلك، لكن المبالغة في مدح قدراته يمكن أن تُؤدّي إلى تضخيم إحساسه بذاته. تجنّب أن تقول أشياء مثل “أنت أذكى طالب في العالم” أو “ستكون أفضل طبيب”. ركز بدلاً من ذلك على جهد طفلك وتحسين مهاراته. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول “لقد بذلت جهدًا كبيرًا، وهذا جيد!”
  • لا تُقنع طفلك بأن النجاح سهل المنال. علّمه أن النجاح يتطلب العمل الجاد والمهارة وبعض الحظ أحيانًا. ادفعه إلى بذل المزيد من الجهد لتحقيق أهدافه.
  • أخبر طفلك أن الملل والإحباط والغضب أمور طبيعية تحدث للجميع. ساعده على التعامل مع هذه المشاعر بطريقة صحية، مثل التحدث إليك عن شعوره أو القيام بأشياء تشعره بالحيوية.
  • امنح طفلك مساحة شخصية للعب بمفرده واستكشاف الأشياء من حوله. هذا يساعده على بناء ثقته بنفسه واستقلاليته.
  • قلّل من وقت مشاهدة طفلك للتلفاز وبرامج الفيديو وممارسة الألعاب الإلكترونية، فقد تُعرّضه لمفاهيم غير مناسبة أو قد تُؤثّر سلباً على سلوكه. افسح له المجال لممارسة الأنشطة البدنية واللعب في الهواء الطلق مع الآخرين أو قراءة الكتب أو الرسم.
  • لا تهمل اهتماماتك الشخصية من أجل التركيز على تربية أطفالك فقط. السعادة التي تجنيها من ممارسة هواياتك ستشكل دافعاً لأبنائك، وستعلمهم متابعة شغفهم مثلك، فأنت قدوة لهم.
  • قراءة الكتب والتعلم عن مراحل نمو الأطفال ستساعدك في فهم سلوكياتهم أكثر. استخدم المعرفة لتنجح في توجيههم ودعمهم خلال جميع مراحل نموهم.

تعرف على سلوكيات الآباء النرجسيين التي تصبح جزءاً من شخصيات أبنائهم.


المصادر

Thomas, S., Bushman, B. J., Orobio de Castro, B., & Stegge, H. (2009). What makes narcissists bloom? A framework for research on the etiology and development of narcissism. Developmental Psychopathology, 21(4), 1233-1247.

Thomaes, S., Brummelman, E. (2018). Parents’ Socialization of Narcissism in Children. In: Hermann, A., Brunell, A., Foster, J. (eds) Handbook of Trait Narcissism. Springer, Cham. https://doi.org/10.1007/978-3-319-92171-6_15

Brummelman, E., Thomaes, S., Nelemans, S. A., Orobio de Castro, B., Overbeek, G., & Bushman, B. J. (2015a). Origins of narcissism in children. Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America, 112, 3659–3662.

Hart, Claire & Bush-Evans, Reece. (2017). The children of Narcissus: Insights into narcissists’ parenting styles. Personality and Individual Differences. 117. 10.1016/j.paid.2017.06.019.

Claire M. Hart, Reece D. Bush-Evans, Erica G. Hepper, Hannah M. Hickman,
The children of narcissus: Insights into narcissists’ parenting styles, Personality and Individual Differences, Volume 117, 2017,Pages 249-254, ISSN 0191-8869,
https://doi.org/10.1016/j.paid.2017.06.019.
(https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0191886917304087)

Dr. Jonice Webb, The Sad Connection Between Childhood Emotional Neglect and Narcissism
https://drjonicewebb.com/the-sad-connection-between-childhood-emotional-neglect-and-narcissism/

van Schie, C.C., Jarman, H.L., Huxley, E. et al. Narcissistic traits in young people: understanding the role of parenting and maltreatment. bord personal disord emot dysregul 7, 10 (2020). https://doi.org/10.1186/s40479-020-00125-7

Geraldine K. Piorkowski Ph.D. 2023. How Not to Raise a Narcissist. Psychology Today.
https://www.psychologytoday.com/intl/blog/beyond-pipe-dreams-and-platitudes/202301/how-not-to-raise-a-narcissist

شارك المنشور لتعم الفائدة!
منصة نرجسي
منصة نرجسي

نرجسي هي منصة متخصصة تهتم بتقديم معلومات علمية دقيقة وموثوقة حول النرجسية وأساليب التعامل معها. تستند جميع المقالات التي تقدمها المنصة إلى أحدث الأبحاث والدراسات المنشورة في المجلات العلمية، والمؤسسات التعليمية المرموقة.